الأحد، 9 ديسمبر 2012

حدود الذات


مقال بعنوان
" حدود الذات "    -  لمادة الموضوعية و الإختلاف
مقدم من الطالب عزالدين شحروري / الأردن
مقدمة ,
عندما يتعامل الإنسان مع مختلف المعطيات حولة يكون هناك إدراك لهذة المعطيات  من خلال الحواس الجسدية التي نملكها ,و هذا الإدراك الذي من خلالة قمنا بمعرفة المعطيات التي حولنا ياتي من مرجعية ذهنية تمركزت في الذهن و تم تخزينها في مكان ما في الدماغ في ذلك الجزء العضوي من تكويننا الفسيولوجي , ولكن مجموعة التراكيب الذهنية هذة هي التي جعلتنا نفهم هذا الموضوع الذي نحن ندركة , وهنا سنبدأ الحديث عن عنصر مهم من عناصر الموضوعية و جزء من مكوناته ألا وهو الذاتية و معرفة حدود هذة الذاتية .
الذاتية اولا هو الإسقاط الفكري الموجه من داخلنا او من داخل ذهننا تجاه الموضوع المعين , هذا تعريف قد يكون بسيط لكن القصد منه ايصال المفهوم بشكل اولي , وطبيعة الذاتية و علاقتها بالموضوعية هي من أشد العلاقات تعقيدا , حيث ان ننظر الى الأمور بموضوعية علينا ان نتعامل مع الموضوع المعين بتجريدة عن كل الأمور الخارجية عن الموضوع المعين , ونحن( كأذهان او إنسان يفكر بذهنه ) جزء من هذا الأمر الخارجي عن الموضوع المعين , فمثلا عندما نرى شجرة فإننا نعرف انها شجرة لما توافر في ذهننا عن الشجرة و لكن الموضوعية حتى نصل إلى أعلى مستواياتها علينا تجريد ذواتنا نفسها التي جعلتنا نرى و نعي ان ما نرى هو هذة الشجرة , وهو الشيء الذي يعتبر من التحديات الكبيرة جدا حيث نجد ان بعض الفلاسفة مثل كانط لايؤمن بالموضوعية المطلقه        خارج الذات العارفة لانه لا يمكن معرفة اي شيء بدون الحواس حيث انها البوابات الوحيدة لنقل المعرفة على شكل اشارات او احاسيس الى داخل الذات.
و الأن لمعرفة أهمية الذاتية علينا ان ندرك أن لهذة الذاتية حدود, ذواتنا تقف عندها , و مثل إستيعاب المنطق  بأن الإنسان لا يستطيع التواجد في مكانين بوقت واحد أهمية المعرفة بحدود الذات , بأن إدراك الذات الإنسانية للأمور التي تتعامل معها سواء وقت الملاجظة او في ما بعد بما يطلق عليه التذكر للماضي او التخيل للمستقبل , وهذا الحد الذي نؤمن بوجودة هو الذي يوضح فهمنا و إستعابنا  الى ان حدود ذواتنا هي ما رسخ في اذهاننا من معتقدات او افكار وهذة المعتقدات التي حددتها ذواتنا هي جعلتنا نرى الأمور على ما هو عليه , وان الأخر هو غير من حيث تكوينة الذاتي و الذي بدورة يجعلة يرى الأمور على غير ما نراه نحن , و نشاهد الأهمية القصوى في هذا الأمر في معرفة التعامل مع الأخر , من خلال الإعتقاد و الإيمان بأن هناك أخر موجود أولا و له فكرة و ذاتيته , وهو الذي يعتبر من أهم الأمور التي تبنى الإحترام لمعتقد الأخر و أهميتة من حيث التعامل في الكيان المجتمعي , وأيضا له أهمية أخرى لتكويننا المعرفي و إعتقادنا و إحترامنا للإختلاف و لشدة اهمية هذا الأمر نجد انه مذكور في القران الكريم }يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير{ و هو الذي يثبت ان للإختلاف حكمة إلهيه مقصودة و معرفتها دليل على أهمية معرفة حدود الذات .
وللتحدث عن الذاتية و علاقتها بالموضعية بمزيد من التوضيح نذكر ان الموضوعية تعتبر الكلية و معرفة حدود الذاتية هي الجزئية لها , فلا موضوعية بلا إدراك لحدود الذاتية , سبب ذلك يكمن من أن تعاملنا مع اي قضية لو تم وضع الذاتية بشكل أكبر او اقل من المقدار الذي يستحقة هذا الأمر سيشكل خللا في رؤيتنا للأمور بموضوعية و بالتالي حكمنا و تقديرنا للأمر المحدد حق التقدير .
ومن الأمثلة على التعامل مع الموضوعية من خلال معرفة حدود الذاتية  نذكر القصة الشهير لزرقاء اليمامة التي كانت تستطيع الرؤية على بعد مسيرة ايام ,و في أحد الأيام طلبوا منها ان ترى ما يوجد على مسافة بعيدة من المكان الذي يعيشون به لتوقعهم بأن هناك عدو يكيد لهم فكان العدو يعرف بوجود زرقاء اليمامة و يعرف بمدى قوه نظرها فلما قرر رئيس الجيش المعتدي ان يتفادى ما تراه زرقاء اليمامة و لكي يخفي جيشة أمرهم بأن يختفوا خلف الاشجار التي عليهم أن يقتلعوها و يمشوا بسترها لعل هذا يخدع  زرقاء اليمامة , فلما رأت ذلك زرقاء اليمامة و ابلغت العشيرة و رجال القبيلة بأنها رأت أشجار تمشي و رجل يشد بعيرة بيد و نعلية , قالوا لها ان بصرك قد خدعك , فلم يبالوا بكلامها حتى إقترب الجيش الى مكانهم و قتلوا منهم ما قتلو و سبوا النساء و إقتلعوا عينها . هذا مثال يبرز لنا الموضوعية  وعلاقتها بمعرفة حدود الذاتية فلم يستطيع رجال العشيرة التي تسكن بها زرقاء اليمامة أن يفهموا حدود الذات بهم و انهم لا يرون ما ترى زرقاء اليمامة فلم يتعاملوا مع الخبر بموضوعية و أدى هذا الى المصيبة التي أصابتهم . و ايضا من القصص التي تروى الفلاح الأمريكي الذي حلم بالخروج من الأرض و السفر الى الفضاء و إلى القمر , فكان يصنع الصواريخ الصغيرة التي كانت تتصاعد الى بضع عشرات الأمتار و تسقط إلى الأرض ثانيا , و كان هذا الفلاح محل سخرية من قبل أهل قريتة , ذلك لأن أهل القرية لم يكن لديهم ما لديه من معرفة أو خيال , فلم يفهموا حدود الذات الخاصة بهم و بهذا الفلاح المفكر , و الذي كان هو من المتنبئين بمقدرة صعود الإنسان الى القمر .و غير هذة القصة من القصص التي تتحدث عن الفكر المستقبلي بإرسال الرسائل ووصولها الى العالم بلحظات او التحدث مع أشخاص في قارات أخرى في نفس الوقت ,هذة كانت كلها أفكار و خيالات و لكنها كانت للبعض هي مجرد أوهام أو خبل . الذي نقصدة من هذة الامثلة هو فهم حدود الذات بين صاحب الفكرة و المتلقي سواء بالقبول او الرفض و إستيعاب ان الموضوعية تحتم علينا قبول الأخر و الإبتعاد عن الذاتية القطبية المتمركزة.
هذه العقلية او النمط بالتفكير يمكن تنميتة حسب ما يتبادر الى ذهننا بالدرجة الأولى من خلال الثقافة ولكن حتى يمكن التعاطي مع الثقافة و الإطلاع يجب تنمية أولا و قبل كل شيء في  فكرة قبول الأخر و الإعتبار ان هذا الأخر هو موجود و يجب إحترام عقليتة لأنه بكل بساطة لو تم إنكاره أو عدم إعطاءة الحجم الذي يستحق هذا الأخر , سنضع أنفسنا في نفس القالب الذي هو موجود به ,هل سنقبل ان يضعنا الأخر بأقل مساحة من الإهتمام مما نستحق او حتى أكثر .معرفتنا لحدود ذواتنا تبدأ من التربية من الصغر و الدور يكون هنا عند الأباء عندما يسمحوا لأبناءهم بتفهم انهم لديهم المساحة من الحرية ليكونوا ما يشاؤون و يتم إحترام هذة المشيئة بل أكثر ان نعلن لهم اننا نعترف لهم بأنهم لديهم وجهه نظر لهم الحق في إدلاءها دون إنتقاص او مبالغة .أيضا عندما يكون هناك قصور في معرفة حدود الذات يتم معالجة هذة الحالة من خلال عملية الإدراك و الوعي بالحالة الذهنية لصاحب الذات التي تقوم بالتعاطي و التعامل تجاه القضايا و المواضيع المختلفة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق